يقال أنه يوجد في دمشق قبر مكتوب عليه:
’’من طاوع الإناث دفع الطاق مثنى وثلاث ‘‘
حيث يروى أن رجلاً ارتكب جرماً فحكم عليه القاضي، إما أن يدفع مائة ليرة، وإما أن يجلد مائة جلدة، وإما أن يأكل مائة بصلة.
وكان الرجل ضعيف الإرادة يأخذ رأي زوجته في كل شاردة وواردة، فقالت له:
’’البصل ابن عم العسل، يأكله كبار الناس وإن أكثروا منه فلا باس‘‘.
وكان صديقنا هذا من سوء حظه لبيباً يفهم من الإشارة فاختار أكل البصل.
لكنه ماكاد يزدرد البصلة الرابعة والستين حتى جحظت عيناه ورجفت شفتاه، ويبس لسانه في حلقه، وأعلن عجزه عن متابعة أكل البصل.
فقيل له: ’’إذن عليك أن تختار إما المائة ليرة وإما المائة جلدة‘‘.
فالتفت إلى زوجته متسائلاً، فقالت له:
’’وجع ساعة يازلمة ولاوجع ألف ساعة"
والمثل بيقول: "كل أسى بينتسى إلا خسارة المال والعيال‘‘.
ففهم الرجل واختار مُكرهاً المائة جلدة.
وجيء بالجلاد وبدأ عد الجلدات، وصار الرجل يتلوى ذات اليمين وذات الشمال وزوجته تشدد عزيمته، لكنه ماكاد يتلقى الجلدة الثانية والسبعين حتى اصطكت ركبتاه واختلجت رئتاه وترنح وتداعى وصاح: كفى!
ثم لملم ماتبقى من إرادته وكرامته وحلحل كمرُه ودفع الم ائة ليرة، ومضى فوراً وطلب مقابلة الوالي والتمس منه أن يأذن له ببناء قبر إلى جانب الطريق العام يدفن فيه بعد موته، ويكتب على بابه:
’’من طاوع الإناث دفع الطاق مثنى وثلاث‘‘.
وبيخلونها بمجلس الشورى